نص الفلسفة والدين: ابن رشد

نص الفلسفة والدين: ابن رشد
إن كان فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات، واعتبارها من حيث دلالتها على الصانع، أعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل على الصانع بمعرفة صنعتها، وانه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة بالصانع أتم.
وكان الشرع قد ندب إلى اعتبار الموجودات وحث على ذلك، فبين أن ما يدل على هذا الاسم: إما واجب بالشرع، و إما مندوب إليه.
فأما أن الشرع دعا إلى اعتبار الموجودات بالعقل، وتطلب معرفتها به، فذلك بين في غير ما آية من كتاب الله تبارك و تعالى: مثل قوله تعالى: { فاعتبروا يا أولي الأبصار}، وهذا نص على وجوب استعمال القياس العقلي، أو العقلي الشرعي معا. ومثل قوله تعالى: " {أولم ينظروا في ملكوت السماوات و الأرض وما خلق الله من شيء}، وهذا نص على النظر في الموجودات...
وإذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها، وكان الاعتبار ليس شيئا أكثر من استنباط المجهول من المعلوم، واستخراجه منه وهذا هو القياس، فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات بالقياس...
وإذا كانت هذه الشريعة حقا و داعية إلى النظر المؤدي إلى معرفة الحق، فإن معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع: فإن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له.


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس