الاستشراف و القناع
الزائف
الدكتورعماد الدين ابراهيم عبد الرازق-
اكاديمي مصري
لا تزال قضية الاستشراق و المستشرقين تمثل قضية من
القضايا الهامة و المحورية و التي لا نستطيع أن نغض الطرف عنها ، أو نتجاهلها. و
مازال تختلف حولها الرؤى و التصورات الفكرية بين مؤيد للاستشراق و معارض له. و يجب
أن نشير إلي شي مهم أنه لا يختلف اثنان علي أهمية القضايا التي طرحها المستشرقون.
و نحن هنا لا نريد عرض سردي تاريخي للاستشراف و نشأتها لأنه موضوع تعرض له الكثير
من الباحثين، لكن نريد التركيز علي عرض الجانب الخفي من أفكار و أراء المستشرقين
في عدد من القضايا التي تظهر القناع الزائف و الخداع الذي يقوم به هولاء. فهم من
خلال عرضهم لتلك القضايا يريدون الطعن في الإسلام و هدم أصوله ووضع الشكوك التي
تزعزع العقيدة ، و تجعل المسلمون يشكون في دينهم. مما يسبب بلبلة في الآراء و الرؤى
تجاه الإسلام و أصوله. ورغم التسليم بحقيقة لا مراء فيها و هي أن الاستشراق لعب
دورًا هامًا و حيويًا في تشكيل فكر الغرب عن الإسلام باعتباره المصدر و الينبوع الأساسي
الذي استقي منه الغرب معلوماته عن الإسلام و المسلمين. و لذلك لا نجانب الصواب إذا
قلنا أن الاستشراق مازال يمثل جزء هام و حيوي من قضية الصراع الحضاري بين العالم الإسلامي
و العالم الغربي. و للاستشراق مواقف ايجابية و آخري سلبية . من المواقف الايجابية
تحقيق المخطوطات الإسلامية و الحفاظ عليها . لكن من جانبنا نري أن له وجوه قبيحة و
سلبيات كثيرة منها الطعن في أصول العقيدة الإسلامية ، التشكيك و القدح في القران
الكريم ، كذلك الطعن في السيرة النبوية و السنة النبوية المطهرة . و لقد انبري
معظم المستشرقين للقدح في هذه العناصر من أجل هدم الإسلام و أصوله وزعزعة أصول
العقيدة عند المسلمين. من الوجوه القبيحة للاستشراق ارتباطه بالحروب الصليبية ،
فكثير من الباحثين المهتمين بالدراسات الاستشراقية يربطون بين نشأة الاستشراق و
الحروب الصليبية بسبب الإخفاق في تحقيق أهداف هذه الحروب و الفشل في السيطرة علي
الشرق و ثرواته ، لذا كان من المفيد البحث عن بديل و هذا البديل تمثل في الاستشراق
من اجل السيطرة علي عقول الشرق بدلا من الاستعمار العسكري.أيضا من الوجوه القبيحة
و الأقنعة الزائفة للاستشراق هو الطعن في القران باعتباره المصدر الأول للتشريع
عند المسلمين. و تركزت طعونهم في القران من مختلف جوانبه في لفظه و أحكامه و
تلاوته و طريقة تنزيله. و اغلب طعنهم يدور حول أن القران من نسج سيدنا محمد عليه
الصلاة و السلام و هو عبارة عن أحلام ورؤى و أوهام اختلقها سيدنا محمد من خياله .
و أنه عكف علي دراسة الشعر لنظم القران ، كذلك أنه تعلم هذا من بحيرى الراهب وورقة
بن نوفل .كل هذه السموم من أجل التشكيك في القران الذي هو المصدر الأساسي للتشريع
عن المسلمين ، ولو نجحوا في ذلك تحقق هدفهم في التشكيك في أصل العقيدة. من القضايا
التي شكك و طعن فيها أيضا المستشرقين قضية السنة النبوية المطهرة ، و من أشهر
الشبهات التي أثيرت حول السنة ما أورده المستشرق(جولدتسيهر) حيث زعم هذا المستشرق
أن السنة النبوية هي جوهر العادات و أنها تفكير الأمة الإسلامية قديما ووصفها بأنها
(العادة المقدسة).كما أن بعض المستشرقين بأن بني أمية أدخلوا في السنة النبوية
ماليس منها. و لقد قدح المستشرقون في العقيدة الإسلامية ورأي هولاء و أنها ليست
بذاتها بل تأثرت بالمعتقدات الاخري مثل اليهودية و النصرانية .لذا يقول (مونتجمري
واط) أن الإسلام بعقيدته عبارة عن إبداع إنساني و نتاج بيئته من حيث الزمان و
المكان. كما قالوا أن محمد تأثر بالتقاليد الشركية في الجاهلية. تلك بعض مزاعم
المستشرقين و التي تمثل الوجه القبيح لأفكارهم و تمثل أيضا القناع الزائف لتصوراتهم
الفكرية و النوايا السيئة التي تريد أن تهدم العقيدة و تزعزعها في نفوس المسلمين.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية